اخبار عالمية

“عسكريون أرادوا السيادة”.. القصة الكاملة لمحاولة انقلاب “الفجر” في السودان


لم تكن ليلة الحادي والعشرين من سبتمبر ولا الساعات الأولى من نهارها كغيرها على السودان، فالبلد الذي لا يزال يكابد عناء مرحلة انتقالية شاقة كان على موعد مع محاولة انقلاب، كادت تعيدهم إلى مربع الصفر.

 

الحديث عن انقلاب في السودان ليس وليد اليوم، فعلى مدار الأيام الماضية يتحدث الكثيرون في الأوساط المحلية وربما الإقليمية عن تدبير أمر، يمثّل إزاحة للسلطة القائمة، وقد اتهم – صراحة – تنظيم الإخوان بالتدبير لهذا الأمر.

 

ساعة الصفر

التكهنات والتوقعات والترجيحات تُرجمت عمليًّا فجر اليوم الثلاثاء، إذ حاول من قِيل إنهم ضباط في الجيش، وُصفوا بأنهم من أتباع النظام السابق، إجراء انقلاب على السلطة الانتقالية والاستيلاء على السلطة، لكن مجلس السيادة الذي يدير البلاد – انتقاليًّا – أعلن إفشال المحاولة، والقبض على مجموعة من الضباط.

 

وفيما لم يتم الكشف بشكل رسمي عن عدد الضباط الذين شاركوا في هذه المحاولة الانقلابية، وهو أمر معتادٌ في مثل هذه الحوادث التي تشهد غالبًا شحًا في البيانات، فقد نقلت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن ثلاثة مصادر عسكرية – لم تسمها – أنّ الأجهزة الأمنية والعسكرية ألقت القبض على 40 ضابطًا في الجيش شاركوا في محاولة الانقلاب.

 

لكن مصادر أخرى تحدّثت لقناة العربية، قائلة إنّ عددًا الضباط شاركوا في محاولة الانقلاب يزيد عن 20 ضابطًا، وقد سيطروا على سلاح المدرعات، قبل اعتقالهم والتحقيق معهم، وترحيلهم إلى الاستخبارات العسكرية.

 

رواية رسمية.. نظام البشير متهم

 

الحكومة السودانية أعلنت التفاصيل سريعًا، وفي بيان حمل اتهامًا صريحًا لـ”نظام عمر البشير”، أعلن وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة حمزة بلول، السيطرة على محاولة انقلابية فاشلة قام بها مجموعة من ضباط القوات المسلحة من فلول النظام البائد، وفق تعبيره.

 

وفيما أوضح بلول أنّه سيقدم لاحقا مزيدا من التفاصيل لمخطط الانقلاب الفاشل الذي حاول عبثا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فقد أكّد أنّ الحكومة الانتقالية والأجهزة النظامية تعمل بتنسيق تام، وطمأن المواطنين هناك بأنَّ الأوضاع تحت السيطرة التامة، حيث تم القبض على قادة المحاولة الانقلابية من العسكريين والمدنيين، ويتم التحري معهم حاليًّا.

 

كما أشار متحدث الحكومة، إلى أنه تمت تصفية آخر جيوب محاولة  الانقلاب في معسكر الشجرة، مؤكدًا أنّ الأجهزة المختصة تواصل ملاحقة بقايا النظام البائد المشاركين في المحاولة الفاشلة.

 

رسالة حمدوك.. مرحلة ضرورية

 

بدوره، أطّل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، على الشعب السوادني بعد ظهيرة الثلاثاء، ليكشف أنّ محاولة الانقلاب جرت بالتنسيق بين عدة جهات، من داخل الجيش وخارجه.

 

تصريحات حمدوك التي جاءت في كلمة ألقاها خلال اجتماع للحكومة، تضمّنت تشديدًا على أنَّ النظام السابق – يقصد نظام البشير – لا يزال يشكل خطرًا على الثورة والتغيير والمرحلة الانتقالية في البلاد، معتبرًا أنّ هذه العملية التي أحبطتها القوات المسلحة تستدعي مراجعة أعمال الفترة السابقة من المرحلة الانتقالية.

 

في الوقت نفسه، أوضح حمدوك أنّ التحقيقات فيما حدث لا تزال جارية، وأنَّه سيتم محاسبة العسكريين والمدنيين المسؤولين عن هذا المحاولة الانقلابية، مؤكدًا أنّ الحكومة والأجهزة المعنية في البلاد، ستواصل إجراءات تفكيك نظام البشير.

 

حمدوك دعا الشعب السوداني إلى الالتفاف حول السلطات الانتقالية في البلاد، وقال إنّ هذه العملية جاءت بعد محاولات تحريض مستمرة ضد الحكومة، من أجل بث الفوضى والشقاق.

 

استقرار على الأرض

 

على الأرض، عادت الأوضاع إلى الاستقرار بشكل بحسب التصريحات الرسمية السودانية، إذ أكّد العميد دكتور الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة، أنّ الجيش أحبط المحاولة الانقلابية بالكامل، وأنّ الأوضاع تحت السيطرة تمامًا.

 

الأمر نفسه أكّده مصدر مسؤول في رئاسة مجلس الوزراء السوداني، الذي قال إنّ الأوضاع تحت السيطرة، وتمّ اعتقال المتورطين فيها ويجري التحقيق معهم.

 

البرهان.. ابتسامة ورسالة

 

وبعد ساعات من محاولة الانقلاب، أجرى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ونائبه الأول الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” زيارة لسلاح المدرعات المسؤول بعض قادته عن محاولة الانقلاب.

 

يأتي هذا فيما نُشرت صورٌ لزيارة البرهان لمقر سلاح المدرعات، وقد بدى مبتسمًا ويصطف خلفه قوات هذا السلاح، في إشارة على ما يبدو إلى استقرار الأوضاع هناك.

 

المتهم.. انقلاب ثان

 

ودون أن يصدر إعلان رسمي، فقد اتهم اللواء عبدالباقي بكراوي بقيادة محاولة الانقلاب، رفقة عدد من الضباط في سلاح المدرعات التابع للجيش السوداني.

 

بكراوي كان يشغل منصب قائد ثاني مدرعات في الجيش السوداني، وأعيد مؤخرًا إلى منصبه عقب توقيفه مسبقًا، علمًا بأنه كان قد نفّذ في 2019، مع عدد من الضباط محاولة انقلاب، وحاول منع قوات الدعم السريع من التقدم صبيحة إعلان وزير الدفاع في حينه عوض بن عوف بيان تنحي البشير.

 

 

وآنذاك، تمرد سلاح المدرعات بضاحية الشجرة جنوب الخرطوم، عندما رفض بكراوي تسلم مهام قائده اللواء نصر الدين عبد الفتاح بعد اعتقاله، ثم خضع للتحقيق عام 2020 بتهمة الإساءة لقائد قوات الدعم السريع محمد حميدتي، لكنه نفى ذلك.

 

 

 



مصدر الخبر

اترك تعليقاً